تمتلك إسرائيل أوراق قوة تؤهلها للعبث في أمننا القومي، وممارسة دوراً خبيثاً إقليمياً ودولياً تحافظ من خلاله إسرائيل على ديمومتها واستمراريتها كجسم غريب في جسد المنطقة العربية والإسلامية. ومن هذه الأوراق ما يلي:
1- الورقة الأولى:وتعد من أقوى أوراق القوة الإسرائيلية وهي تلك النهضة العلمية والتكنولوجية التي تشهدها دولة الاحتلال، وتحديداً في مجالات جودة التعليم، ودعم البحث العلمي، وأثر ذلك على حجم الصناعات العسكرية والاقتصادية، مما جعلها مقارنة بمحيطها العربي والإسلامي الأكثر تطوراً.
2- الورقة الثانية: الاستثمار الصحيح والايجابي للجاليات اليهودية في العالم، لصالح المشروع الصهيوني، وربما يبرز ذلك في المشهد السياسي الأمريكي من خلال قوة اللوبي اليهودي المتمثل بمنظمة ايباك، ودوره في تحديد معالم السياسة الخارجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط.
3- الورقة الثالثة: امتلاك إسرائيل خارطة مفصلة تكشف من خلالها كل مواطن الضعف عند الدول العربية والإسلامية، ويدعم ذلك ضعف النظام الإقليمي العربي وتشرذمه وانقسامه على ذاته.
4- الورقة الرابعة: تركيز السياسة الخارجية الإسرائيلية وبانسجام تام وتنسيق مباشر مع الإدارة الأمريكية، على ملئ الفراغ الاقتصادي والسياسي والأمني في بعض المناطق العربية والإفريقية والإسلامية، ولعل من أبرز ملامح التدخل الإسرائيلي الأمريكي في الملفات الساخنة في المنطقة العربية والإفريقية ما تشهده حالياً السودان من إرهاصات للتقسيم، ودليل مباشر على ذلك ما خرج به مؤخراً زعيم الحركة الشعبية السودانية - نائب الرئيس السوداني- سلفاكير بأن دولة الجنوب سوف تفتتح سفارة لدولة إسرائيل على أراضيها.
وإضافة إلى ذلك حجم المشاريع الإسرائيلية المعلنة من خلال إقامة سدود مائية ضخمة على ضفاف منابع نهر النيل في تنزانيا وأثيوبيا.
وكذلك أيضاً استثمار إسرائيل لأزمة الأكراد في تركيا والعراق وإيران، وتأجيج الصراع والفتن بين المسلمين حتى تستنزف قدرات بلدان المنطقة، وتستطيع أن تملي شروطها السياسية على بعض الأطراف.
نعم، فهذه الدولة الشيطانية ربما تكون خلف كل مصائب العرب وأزماتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فهي تعمل على زعزعة واستقرار منطقة الشرق الأوسط، وبذلك هل من أكثر الدول تهديداً لمنظمة الأمن القومي العربي، وعلى العرب مجتمعين العمل على وضع أسس واستراتيجيات ورؤى جديدة تتناسب مع حجم المخاطر التي تحيط بأمتنا العربية والإسلامية، فإسرائيل هي سرطان يسري في جسد الأمة، ويحتاج إلى كي من خلال التنسيق المشترك، ودراسة المراحل السابقة والتي أخفق فيها النظام الإقليمي العربي من ملء الفراغ الاقتصادي والسياسي والعسكري في المناطق النائية في أفريقيا والعراق والسودان، والصومال واليمن، واكتفت الدول الغنية (مجلس التعاون الخليجي) بالعمل على حماية الدولة القطرية، وغفلت أن السرطان الصهيوني سيلتهمها وسيصلها في حال بقيت في سباتها عميق.
وربما تندرج مبادرة الملك عبد الله بن عبد العزيز للم شمل الفرقاء العراقيين خطوة في الاتجاه الصحيح، ينبغي على الجميع دعمها، والعمل الجاد على إنجاحها، ولكن يتطلب ذلك تنسيقاً مباشراً بين كل الأطراف المعنية في المنطقة.
وهنا نطرح التساؤلات التالية: ألم نمتلك خبراء وعلماء وعقول وجاليات تفوق ما عند الصهاينة؟ ولكن هل نستثمرهم بالشكل الذي يتناسب وحجم التحديات؟ ألم نمتلك الجرأة والقوة والمادة لدعم جنوب السودان، ودول القرن الإفريقي، والعمل عل حل المشكلة الكردية، وإنهاء الصراع في اليمن والصومال، وكذلك إنهاء الانقسام الفلسطيني، وممارسة دور أكبر في العراق وأفغانستان؟
وهل فكرنا يوماً بالعمل على رسم خارطة لمواطن الضعف عند الإسرائيليين؟
في حال أجاب النظام الإقليمي العربي على تلك الأسئلة، نستطيع الجزم بأن المشروع الصهيوني سينكمش، بل سيزول