المأساة التي هزت الجنود الإسرائيليين في غزة قبل 6 سنوات
بمناسبة الذكرى العاشرة للانتفاضة الفلسطينية، استذكرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية أحداثاً ما زالت عالقةً في الأذهان، والتي كانت أهمها ما وقع يوم الثلاثاء بتاريخ 11 مايو 2004.
وحمل هذا العام كثيراً من الدلالات بأنه عام هادئ جداً، لا سيما بعد قتل إسرائيل للشيخ أحمد ياسين في شهر مارس 2004، وبعد ذلك بشهر تقريباً جاءت عملية تصفية نائبه د. عبد العزيز الرنتيسي.
وعليه فقد حاول الجمهور الإسرائيلي العودة لحياته الاعتيادية، وأصبحت الاجتياحات الإسرائيلية للقطاع غير مهمة، وقد كانت توضع الأخبار المتعلقة بها في آخر النشرات الإخبارية أحيانا.
ولكن الحدث البارز والذي أصبح لا يُنسى، هو عندما دخل جنود "جفعاتي" إلى حي الزيتون بمدينة غزة، بهدف القيام بعملية تفجير لإحدى المخارط هناك، بحجة أنها كانت تعمل على إنتاج القذائف الصاروخية حتى دقائق قبل السادسة والنصف صباحا، عندما هز المنطقة انفجار عنيف أخفى معالم ناقلة جند كان على متنها 6 من عناصر سلاح الهندسة التابع للواء "جفعاتي".
وعلى مدى فترة زمنية معينة لم يعرف القادة الميدانيون ما هو مصير تلك الآلية العسكرية، بعد أن حاولوا التقاطها من خلال أجهزة الاتصال ولكن دون جدوى، إلا أنهم عندما رأوا محركها ملقىً على الأرض علموا أنه لم يبقى منها شيء.
لقد كانت عبوة ناسفة أدّت لاختراق الحماية السفلية لتلك الناقلة التي تُسمى M113، وقد تفجرت المواد التي كانت بحوزة الجنود، وبقيت الآن المهمة الصعبة لمن خلفهم، لكي يقوموا بجمع أشلائهم المتناثرة هنا وهناك وملاحقة الفلسطينيين، الذين وضعوا أيديهم على تلك الأشلاء وقاموا بالعبث فيها.
إن مأساة الجنود الستة، كان كابوس القادة في الميدان، كما أن تفجير تلك الناقلة وسط ذلك الازدحام الفلسطيني كان أحد الأمور السيئة على الإطلاق التي يتصورها العقل بالنسبة لقادة الجيش.
ولكن بالرغم من ذلك الحدث المؤلم وأنه كان معلوما أن مثل هذه الناقلات لا يوجد بها أي حماية من الأسفل، إلا أن الجيش الإسرائيلي عاد الكَرّة مرة أخرى وأرسل جنوده في مهمة أخرى على نفس النوع من تلك المركبات.
لكن في هذه المرة لم تكن عبوة أرضية وإنما قذيفة RPG أُطلِقت من مدينة رفح، واخترقت الناقلة التي تفجرت وهي تحمل طنا من المتفجرات بداخلها، حيث كانت تابعة لوحدة الأنفاق التي كانت تسير على خط "فيلادلفي".
وفي صباح اليوم التالي دخل الصحافيون في الجيبات المحصنة برفقة قائد المنطقة، بعد أن أُخبِروا مسبقا بأن الأمور على الأرض لا تُطاق وأن المناظر مزعزعة للغاية، وحينها وصلت الرسالة بشكل جيد للصحافيين بأنهم لن يمكثوا إلا دقائق معدودة فقط.
ويقول أحد الصحافيين: "لقد كنا برفقة عناصر الإنقاذ (زكَّا) ورأينا الكثير من المناظر، ولكن عندما نزلنا من جيب الهمر وجدنا أن الأمور مختلفة تماما".
وهنا بدأ خريجو أحد الدورات العسكرية أبناء الـ19 عاما بالمهمة الصعبة، حيث كانت التعليمات واضحة بأنه يجب إخراج الزملاء، ولبِس الجميع قفازات طبية وبدءوا بالبحث بتمعُّن عن الأشلاء، وبين الفينة والأخرى كان أحدهم يقف ويُعطي ما وجد إلى عناصر الحاخامية العسكرية.
وفي صباح اليوم التالي عندما بدءوا بالبحث في الجهة الشرقية للجدار الفاصل قُتِل اثنان من الجنود أيضا، لكي يصبح العدد 13 جنديا خلال 4 أيام، وعليه صدرت التعليمات بوقف عمل الناقلة M113 للعمل في قطاع غزة.
وبعد ذلك وفي إطار سياسة التصعيد، بدأ الجيش الإسرائيلي بسلسلة من العمليات والاجتياحات تحت مسميات مختلفة، ثم بعد ذلك بُتِرت قدم قائد المنطقة عندما تفجرت إحدى العبوات بمركبته، ثم الانفصال عن غزة وصعود حماس إلى سدة الحكم، وخطف شاليط وتصفيات واغتيالات وصواريخ غراد على المجدل وصواريخ قسام على سديروت، ثم عملية الرصاص المسكوب والسيطرة على سفينة مرمرة، وما زال شاليط في الأسر.
لذلك بعد مرور 6 أعوام على مأساة الناقلات، إلا أن هذه المأساة لم تنتهي بعد، وليس هناك من يستطيع أن يرى نهاية لذلك